من أجندتي الخاصه

بقلم المؤرخ النوبي : يحيى صابر 
من اجندتي الخاصة :

منطقتنا او نجعنا في توشكي شرق الغريقة كانت تقريبا تقع في منتصف القرية التي بيوتها تطل علي النيل علي شريط ساحلي ضيق بطول اكثر من عشرة كيلومترات .. ومنطقتا كانت تضم المحكمة الجزئية ونقطة حرس الحدود (الهجانه) والبريد والتلغراف والمدرسة الابتدائية والجمعية التعاونية والطاحون ..اداريا كان يطلق عليها نجع البوستة وأيضا كان معروفا باسم (فنتي كوديه) أي مجمع النخيل وذلك لكثرة اشجار النخيل فيها !! وأيضا كان هناك نجع اسمه (كاجين كوديه) أي مجمع الحمير !!..وقد اطلق عليها كذلك لان هذه المنطقة كانت مرسي للبواخر فكان الاهالي يأتون اليها ويعقلون حميرهم فيها فكانت المنطقة تبدو وكأنها مظاهرة حمير !!….جدي لامي الشيخ امام كان يملك محلا تجاريا يبيع فيه كل شئ تقريبا وبجوار المحل مضيفة كانت عامرة دائما بالضيوف سواءا من اهل القرية او من القري المجاورة !!.. وكان رحمه الله كريما لأ بعد حدود الكرم !!..وكان لكرمه اثرا سلبيا علينا انا وخالي انور الذي يصغرني في السن حيث كنا دائمي الجلوس مع الكبار كي نلبي طلبهم !! الامر الذي كان يمنعنا من المشاركة الدائمة مع اقراننا في اللهو واللعب !!..وكان صديق جدي (الانتيم) بلغة العصر عمنا محمد افندي عابدين كان يأتي مترجلا يوميا الي المضيفة حاملا شمسيته التي تقيه من وهج الشمس يقطع حوالي 2 كيلو متر من نجع اسين كي يجالس جدي وضيوفه وكان يستذكر مع جدي علوم الدين وذلك بعد تقاعده حيث كان وكيلا للبريد في قرية العلاقي النوبية !!..وكانت جدتي تأمرني ان اجالس الكبار كي اخدمهم واتعلم منهم كيف يتكلمون وكيف يتعاملون وكيف يحكمون في القضايا التي تعترضهم حيث كانت المضيفة مثل مجلس شوري القرية ..وأتذكر ان احدهم كان قد رزق بولد وجاء يطلب النصيحة من جدي فقال له .. اهم شئ ان لا يكذب واذا كنت تريده ان لا يكذب فلا تكذب انت في كلامك وتعاملك معه وثاني شئ ان لا يغتاب احدا وثالث شئ اذا اكل طعاما عند احد لا يخبركم ولا يخبر احدا بما اكل وبما رأي في بيوت الاخرين !!..واعتقد ان تلك المبادئ هي التي بنيت عليها الشخصية النوبية بصفة عامة !!..رحم الله جدي امام ابراهيم محمد عواض علي بيرم ال ولي كيخيا وكل من جالسوه في مضيفته التي كانت عامره في النوبة الغريقة ..#يحيي_صابر